احصائيات

عدد إدراجاتك: 9

عدد المشاهدات: 1,622

عدد التعليقات المنشورة: 0

عدد التعليقات غير المنشورة: 0

دفتري.كوم
تصفح صور دفتري تصفح اقتباسات دفتري تسجيل / دخول






Articles

النبأ العظيم درس للشيخ ابواسحاق الحويني بهولندا



لمشاهدة الفيديو اضغط هنا

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

تَرْجَمَةُ فَضِيلَةِ الشَّيْخِ الْمُحَدِّثِ

أَبِي إِسْحَاقَ الْحُوَيْنِيِّ

حَفِظَهُ اللهُ، وَبَارَكَ فِي عُمُرِهِ، وَنَفَعَ بِعِلْمِهِ

الْحَمْدُ للهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-:

نُقدم لزائري الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ المحدث أبي إسحاق الحويني (www.alheweny.meترجمة مُجملة للشيخ -حفظه الله، وبارك في عمره، ونفع بعلمه- للتعرُّف من خلالها على سيرة الشيخ الصحيحة، لا سيَّما وقد ترجم له البعضُ؛ فخلط، وأخطأ في مواضعَ، ولذلك سوف يَحرص الموقع الرسمي للشيخ على بث خدمةٍ نافعةٍ للزائرينَ، وهي: «من سيرة الحويني»؛ حيث نقدم في كل مرة ما يمكن لزائر الموقع أن يَضعه في ترجمة الشيخ؛ وَفْقَ ترتيب عناصر الترجمة على الموقع، ونأتي لذكر الترجمة، فنقول، وبالله التوفيق:

اسمه:هو حجازي بن محمد بن يوسف بن شريف؛ أبو إسحاق الحويني الأثري المصري موطنًا، ومولدًا، ونشأةً.

 كنيته:تَكنَّى في مطلع طلبه للعلم (بأبي الفضل،) لتعلقه بالحافظ ابن حجر -رحمه الله-، ثم ارتبط بكتب أبي إسحاق الشاطبي -رحمه الله-، فحُبِّبَت إليه كنيتُه، وتعلق بها لما علم أنها للصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه-؛ فعُرف واشتُهِر بعد ذلك بين الناس بأبي إسحاق الحويني.

• ثانيًا: مولده:

• ثالثًا: نشأته:

وقد تزوج والد الشيخ -رحمه الله- من ثلاث نسوة -رحمة الله عليهن-، ورُزق بذرية مباركة منهن: ثمانية من الذكور، وسبعة من الإناث، وكان الشيخ من زوجته الثالثة -رحمها الله-.

وكان الوالد -رحمه الله- شغوفًا بالقرآن سماعًا وقراءةً، فلم يكن يستمع إلا إلى إذاعة القرآن الكريم، حتى إنَّ محرك مؤشر الإذاعة أصابه الصدأ؛ لأنه يبس من تركه، وعدم تحويله إلى غير إذاعة القرآن الكريم.

وعن أثر الوالد في الشيخ يقول الشيخ حفظه الله: أخذنا من والدي صلاحه، وكان محبًّا لأهل الديانة.

أما الوالدة -رحمها الله- فقد كانت من صوالح نساء زمانها، متدينةً، فاضلةً، وقد جهد الشيخ أن يُعطيها بعد موت أبيه بِرَّ أبيه مع برها، فلم يكن يقدم عليها أحدًا من أهله قطُّ، ولكم صرَّح في المحافل والمجالس أنها أغلى عنده من نفسه، أولاده، وزوجاته، وإخوته، وكانت رحمها الله تُؤازرُه بدعواته، وتُعينه على التزامه بالسنة، حريصةً على ذلك، محبةً له.

• رابعًا: مراحل دراسة الشيخ في المؤسسات التعليمية:

 2-درس المرحلة الإعدادية بالمدرسة الإعدادية القديمة، بعاصمة المحافظة كفر الشيخ.

4-درس المرحلة الجامعية، بجامعة عين شمس، كلية الألسن، قسم اللغة الإسبانية، بالقاهرة، وكان طيلة السنوات الأربع لا يَتخلف عن الثلاثة الأوائل على دفعته.


بدأ الشيخُ منذ صِغرِه بالتعلُّق باللغة العربية وآدابها، فكان يَقرأ القصص الأدبية؛ مثل: «النظرات» و«العبرات» لمصطفى لطفي المنفلوطي، و«شارع الذكريات» لجليل البنداري.

وكان من أثرِ محبة الشقيق الأكبر للشيخ الدكتور رزق للقراءة؛ أنْ تأثَّر الشيخُ بذلك، لا سيَّما وقد حَوَتْ مكتبة الدكتور رزق كتبًا كان لها أثر بيِّنٌ في هذا الباب.

وألَّف الشيخُ دواوينَ في الشعرِ تناسبتْ مع سنِّه آنذاك، والتحق بقصر الثقافة بعاصمة محافظة كفر الشيخ، وكان مُتميزًا جدًّا، وكان أصغر شاعر في قصر الثقافة في ذاك الوقت.

ثم مَنَّ الله -تبارك وتعالى- عليه، وتعلق بكتب العلم الشرعي، وبدأت الرحلة الحقيقية في الطلب.



• سادسًا: بداية طلبه لعلم الحديث:

وكتب الشيخ عن بدايته في علم الحديث في مقدمة طبعته الأولى من كتابه «تنبيه الهاجد إلى ما وقع من النظر في كتب الأماجد»، والتي قدم لها في شهر جمادى الآخرة لسنة ثماني عشرة وأربعمئة وألف من هجرة خير من وطِئ الحصى نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، فقال: «... ففي صيف عام (1395هـ) كنت أصلي الجمعة في مسجد «عين الحياة»، وكان إمامه إذ ذاك: الشيخ عبد الحميد كشك –رحمه الله تعالى- وكان تجار الكتب يَعرضون ألوانًا شتى من الكتب الدينية أمام المسجد، فكنت أطوف عليهم وأنتقي ما يعجبني عنوانه، فوقعت عيني يومًا على كتاب عنوانه: «صفة صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- من التكبير إلى التسليم كأنك تراها»، تأليف محمد ناصر الدين الألباني، فراقني اسمُه، فتناولته بيدي، وقلبت صفحاته، ثم أرجعته إلى مكانه؛ لأنه كان باهظ الثمن لمثلي، وكان إذ ذاك بثلاثين قرشا! ومضيتُ أتجول بين بائعي الكتب، فوقفت على كتاب لطيف الحجم بعنوان: «تلخيص صفة صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم-»، ففرِحت به فرحةً طاغيةً، ولم أترددْ في شرائه، وكان ثمنه خمسة قروش، ولم أشترِ غيره؛ لأنه أتى على كل ما في جَيبي! ومن فرحتي واغتباطي به قرأته وأنا أمشى في طريقي إلى مسكني مع خطورة هذا المسلك على من يَمشي في شوارع القاهرة.

وقد لفت انتباهي جدًّا حواشي الكتاب -مع جهلي التام آنذاك بكتب السنة المشهورة، فضلًا عن غيرها من المسانيد والمعاجم والمشيخات وكتب التواريخ، بل، لقد ظللتُ فترةً في مطلع حياتي -لا أدري طالت أم قصُرت- أظنُّ أنَّ البخاريَّ صحابيٌّ؛ لكثرة ترضِّي الناس عنه.

أمَّا هذا الكتاب، فكان قاصمة الظهر التي لا قائمة بعدها! وهو الذي رغَّبني في دراسة علوم الحديث».

فعكَّر عليَّ كتاب الشيخ ما كنت أجدُهُ من المتعة في سماع خُطَبِ الشيخ كشك، حتى كان يومٌ، فذكر الشيخ على المنبر حديثًا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إِنَّ اللهَ يَتَجَلَّى يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِلنَّاسِ عَامَّةً، وَيَتَجَلَّى لِأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ خَاصَّةً»، فلأول مرة أشك في حديث أسمعه، وأسأل نفسي: تُرى! هل هو صحيح أو لا؟ ومع شكي هذا فقد انفعلت له وتأثرت به بسبب صراخ الجماهير من حولي، استحسانًا، وإعجابًا!

وكان للشيخ جلساتٌ في مسجده بين المغرب والعشاء، فذهبتُ في وقتٍ مبكرٍ لألحقَ بالصفِّ الأول حتى أتمكن من لقائه في أوائل الناس، فلما صلينا جلس الشيخُ على كُرسيِّه في قبلة المسجد، وكان له عادة غريبةٌ وهي: أنه يمدُّ يده، فيقفُ الناس طابورًا طويلًا، فيصافحونه، ويقبِّلون يده وجبهته، ويُسِرُّ إليه كل واحد بما يريد، وكنت العاشرَ في هذا الطابور، فقلت في نفسى: وما عاشر عشرة من الشيخ ببعيد!

فقال لي: بل هو صحيح، فلما أعدت عليه القول، قال كلامًا لا أضبطه الآن، لكن معناه أن ابن القيم لم يُصِب في حُكمه هذا، ولم يكن هناك وقت للمجادلة؛ لأن مَن في الطابور ينتظرون دورهم.

وخرجتُ من مسجد «عين الحياة» ولديَّ من الرغبة في دراسة علم الحديث ما يجلُّ عن تسطير وصفه بناني، ويضيق عطني، ويكِلُّ عن نعته لساني، وكان هذ العلم آنذاك شديدَ الغربة، ولست أبالغ إذا قلت: إنه كان أغرب من فرس بهماء بغلس!!». اهـ

وأخذ يَبحث عن مكتبةٍ للمذاكرة والبحث، حتى وُفِّقَ لِـ «مكتبة المصطفى» لصاحبها الشيخ حامد إبراهيم -رحمه الله-، ولأول مرة رأى الشيخ مكتبة بهذا الحجم الضخم، والترتيب أيضًا.

وقد أهدى الشيخ حامد -رحمه الله تعالى- للشيخ سنن الدارمي، طبعة سيد هاشم يماني، وهو الذي وجه نظر الشيخ إلى تخريج سنن ابن ماجه.

كان الشيخ وصل إلى عامه العشرين تقريبًا، وكان العلم غريبًا آنذاك، لا سيما علم الحديث، ولم يكن من السهل الوصول لمتخصصٍ في هذا العلم يُتلقى عنه، ولكن بعد قصة الشيخ مع شيخه الشيخ كشك، عزم على البحث عن شيخٍ يَشرح له هذا العلم.

فوجدت في هذه المجالس ضالتي المنشودة، ودُرَّتي المفقودة، فلزمته نحو أربع سنوات، حتى توقفت دروسه بعد الاعتقالات الجماعية التي أمر بها أنور السادات، وانتهى الأمر بمقتله في حادث المنصة الشهير، ورحل الشيخ -رحمه الله- إلى السودان، وظل هناك حتى توفِّي -رحمه الله- بالمدينة، ودُفن -رحمه الله تعالى- في البقيع -كما قيل لي-.

ولم يُكدِّر عليَّ مُتعتي بدروس الشيخ المطيعي -رحمه الله- إلا حطُّه على الشيخ الألباني صاحب الفضل عليَّ بعد الله -عز وجل-، وكان ذلك بعد حادثة طويلة الذيل ملخصها: أن شيخنا المطيعي -رحمه الله- كان يتكلم عن قضاء الفوائت، وأن من لم يُصلِّ ولو لسنوات، فيجب عليه القضاء، وأطال البحث في ذلك.

قال: لعله أحد أصحابنا الشافعية؟

فقال لي حينئذٍ: دعك من المعاصرين.

• ثامنًا: بداية قصة الشيخ مع شيخه الألباني -رحمه الله-:

ولم يكن عندي علم بمحاضرة الشيخ، ولا وجوده، فرحل ولم أره، وكانت إحدى أمانيَّ الكبار أن ألتقيَ به، ولم يتحقق لي ذلك إلاَّ بعد زمان طويل، وذلك في أول المحرم سنة (1407 هـ)، وكان قد طُبع لي بعض الكتب منها: «فصل الخطاب بنقد المغني عن الحفظ والكتاب»، وكنت في هذه الفترة أتتبع كل أخبار الشيخ، فكانت تصلني أخبارٌ عن شدته على الطلبة، وقسوته عليهم، واعتذاره عن التدريس بسبب ضيق الوقت، وإرهاق الدولة له، فكدتُ أفقدُ الأملُ، حتى قيَّض الله لي أن ألتقي بصهر الشيخ -الأخ نظام سكجّها- في فندق بحيّ الحسين بالقاهرة، فسألتُه عن الشيخ وإمكان التتلمُذ عليه، فأخبرني أن ذلك متعذِّرٌ، ولكن تعال وجرِّبْ!

وأخبرني الأخ نظامٌ بعد ذلك أن الشيخ تألمَّ لَمَّا قرأ حكاية «الطرد» هذه.

ولما نزلت عمَّان، استقبلني الأخ الكريم أبو الفداء سمير الزهيري -جزاه الله خيرًا-؛ إذ أعانني في غربتي، وآواني في داره، وبعد الوصول بقليلٍ، كلَّمنا الشيخ بالهاتف، فرحَّب بي غاية الترحيب، وقال لي: حللت أهلًا ونزلت سهلًا، ولم أصدق أذني! فأنا ذاهبٌ إليه، وقد هيأت نفسى تمامًا على الرضا بالطرد إذا فعل الشيخ ذلك.

فقال لي: اجعل هذا بحثًا بيني وبينك إذا التقينا غدًا!

وكان الشيخ يصلي الغداة في «مسجد الفالوجة»، بجوار منزل أبي الفداء، ولم أذق طعم النوم ليلتي بسبب تأمُّلي المسألةَ التي طرحها الشيخ، ولم تكتحل عيني بنومٍ إلاَّ قُبيل الفجر، وراح عليَّ بسبب ذلك لقاء الفجر مع الشيخ، وكلمناه في الصباح، فأعطانا موعدًا عقب صلاة العشاء في منزل أبي الفداء.

فأحسستُ برغبة حارَّة في البكاء، وتمالكت نفسي بعناء بالغٍ، وأطرقتُ قليلاً، ثم قلت للشيخ: قد علم الله أنه لم يكن لي مأربٌ قطُّ إلاَّ لقاؤكم، والاستفادةُ منكم، فإن كنتُ أخلصتُ نيتي؛ فسيفتح الله لي، وإنْ كانت الأخرى، فحسبي عقابًا عاجلًا أن أرجع إلى بلدي بخُفَّيْ حُنين! وأنا سأدعو الله أن يفتح قلبك لي!

ثم التقيتُ الشيخَ في صلاة الغداة من اليوم التالي، فقبلتُ يده -وهذا دأبي معه-، فقال لي: لعلَّ الله استجاب دُعاءك! وكان فاتحةَ الخير، وكنت أكاد أوقن أن الله سيستجيبُ لي، وأن الشيخ سيَقبلني عنده، لا سيما بعد أن قابلت الأستاذ أحمد عطية -وكان من مُعظمي الشيخ قبلُ-، فاستضافني في داره وقال لي: لَمَّا طُبِع كتابك «فصل الخطاب بنقد المغني عن الحفظ والكتاب»، اشتريت منه نسخة، وقرأته، فأعجبني أنه على طريقة الشيخ، وكان الشيخ يقول: ليس لي تلاميذ -يعنى على طريقته في التخريج والنقد- قال: فأرسلتُ هذا الكتاب إلى الشيخ، وقلت له: وجدنا لك تلميذًا، وراجعتُ الشيخ بعد ثلاثة أيام، فقال: نعم.

ووالله! لقد عاينت من لطف الشيخ بي، وتواضعه معي شيئًا عظيمًا، حتى إنه قال لي يومًا: صحَّ لك ما لم يصحَّ لغيرك، فحمدت الله -عز وجل- على جَسيمِ منَّتِه، وبالغِ فضلِه ونعمتِه.

فقال لي: هل رأيتَ بعينيك عالمًا قطُّ؟

فقال: إنما أنا «طُويلبُ علمٍ»، إنما مَثَلي ومَثَلُكم كقول القائل: إنَّ البُغَاثَ بِأَرْضنَا يَسْتَنْسِرُ!

واستمر هذا الأمر، حتى جاء يومٌ ولم يُصلِّ الشيخ معنا صلاة الغداة، فحزنتُ لذلك لضياع هذا اليوم عليَّ بلا استفادة، واستشرت من أثق برأيه من إخواني: هل أذهب إلى الشيخ في بيته أم لا؟

وتهيبتُ الذهاب، ولكنْ قوَّى من عزمي أمران:

الثاني: أنني استحضرت قصةً لابن حبان مع شيخه ابن خزيمة ذكرها ياقوتُ بسنده إلى أبي حامد أحمد بن محمد بن سعيد النيسابوري؛ قال: كنا مع أبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة في بعض الطريق من نيسابور، وكان معنا أبو حاتم البُستي، وكان يسألُه ويُؤذيه، فقال له محمد بن إسحاق بن خزيمة: يا بارد! تنحَّ عنى ولا تؤذِنِي! أو كلمة نحوها، فكتب أبو حاتم مقالته، فقيل له: تكتب هذا؟ قال: أكتب كل شيء يقوله الشيخ.

وانطلقنا إليه، وكان من أفضل أيامي التي أمضيتُها في هذه الرحلة، فقد استقبلني الشيخ استقبالًا كريمًا، وأمضيت معه أكثر من ساعتين، وكان يخدمُنا بنفسه، ويَأتينا بالطعام يضعه أمامنا، فكلما هممتُ أن أساعدَه؛ أبى عليَّ، ويشيُر أنِ اجلسْ، ويقول: الامتثالُ هو الأدبُ، بل خيرٌ من الأدبِ.

ولا يَفوتني أن أقولَ: كنت قابلت الشيخَ نسيبًا الرفاعيَّ بصحبة الأستاذ أحمد عطية -المتقدم ذكرُه- في بيته بحيِّ الهاشمي في عمَّان البلقاء، ولقلما رأت عيناي مثله في تواضعه وأدبه وحُسن خلقه، وكان معظم كلامه عن الشيخ الألباني، وبرغم تقاربهما في السنِّ، إلا أنه كان يُبالغ في تعظيم الشيخ، وقال لي: أنا مَدينٌ بالفضل لرجلين: الأول: ابن تيمية، والثاني: الألباني.

وقرأ علينا أبو غزوان مقدمته لكتابه: «التوصل إلى حقيقة التوسل»، وقصَّ عليَّ أشياء ذكرتها في «طليعة الثمر الداني في الذب عن الألباني».

وقد أمضيت نحو شهر في هذه الرحلة، ولما علم الشيخ بموعد سفري دعاني على الغداء عنده فى يوم الرحيل، وسألني عن حال السلفيين في مصر، وسألته عن الطريقة المثلى لنشرة الدعوة، وكيف نواجه المخالفين لنا، وكان يومًا حافلًا أمضيته مع «عميد السلفيين» في العالم الإسلامي، حفظه الله وبارك. اهـ

• تاسعًا: شيوخ الشيخ:

والأستاذ (عبد الفتاح الجزار -رحمه الله-،) وأخذ عليه اللغة العربية، وكان الشيخ بعدما اشتُهِر بين الناس إذا رأى أستاذه الجزار في المسجد؛ سارع إليه، وقدمه لإلقاء كلمة، فكان الشيخ يُجِلُّه، ويُثني عليه كثيرًا.

والشيخ  (المحدث محمد ناصر الدين الألباني -رحمه الله-) وهو أقرب مشايخه إلى قلبه، وقد تتلمذ له، وتأثر بكتبه.

كما جلس الشيخ في الجامع الأزهر لجماعة من أساتذة العلوم الشرعية المختلفة، وكان منهم:

وكان بينهما قصة؛ إذ طلب منه الشيخ أن يَعقد له امتحانًا في علوم الحديث ليلتحق بقسم الحديث في كلية أصول الدين، فاعتذر الدكتور لاشين، معللًا ذلك بأنه على خلاف اللوائح الجامعية، فقال له الشيخ: اعقد لي امتحانًا، فإذا قلّ مستواي عن درجة مُعيد فلا تقبلْني، فتبسم الدكتور لاشين، وأوصاه أن يذهب إلى الجامع الأزهر، ويحضر المجالس العلمية فيه.

(الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله-)، وقد حضر دروسه بالجامع الكبير، والمسجد الذي كان بجوار بيته بمدينة جدة.

(والشيخ عبد الله بن قاعود-رحمه الله-) والذي حضر الشيخ عنده، وهو يشرح كتاب «البرهان في أصول الفقه»، للإمام الجويني، وكان يقرأ عليه في ذاك الوقت الشيخ صالح آل الشيخ.

وكذلك من مشايخه أيضًا:

(والشيخ محمد جميل غازي،) وقد أخذ عنه نُبذًا كثيرة من التفسير وأصوله.

(والدكتور عبد الفتاح الحلو -رحمه الله-) وقد تعلم منه أصول التحقيق.

ومع مخالفة الشيخ لبعض مشايخه في مسائلَ، إلا أنه يَحمل لهم من الحب والتقدير والتوقير ما يَشهد به من عرفه، وقرأ له، وحضر مجالسه العامة، والخاصة.

وممن تعلم الشيخ منهم وتتلمذ على كتبهم، وقد أدركه، ولم يلقه: الشيخ العلامة المحقق (سيد أحمد صقر -رحمه الله-)الذي حقق: إعجاز القرآن للباقلاني، وتأويل الحديث لابن قتيبة، والصاحبي لابن فارس، والموازنة بين شعر أبي تمام والبحتري للآمدي، ومناقب الشافعي، للبيهقي، وغيرها.

وممن تعلق الشيخ بكتبهم من علماء العصر ولم يدركهم: العلامة المحدث (عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني -رحمه الله-)، والعلامة المحدث (أحمد بن محمد شاكر -رحمه الله-،) والشيخ لا يقدم على الشيخ المعلمي أحدًا من علماء العصر في علم الرجال، فهو عنده أفضل من تكلم في هذا الباب من أبواب علوم الحديث في هذا العصر.

وقد أثنى على الشيخ جماعةٌ من أهل العلم والفضل، منهم:

- وأثنى عليه في مواضعَ متفرقةٍ من كتبه، ونعته بصديقنا الفاضل، وأثنى على كتابه «غوث المكدود»، فقال في«السلسلة الصحيحة» (5/586): ونبه على ذلك صديقنا الفاضل أبو إسحاق الحويني، في كتابه القيم: «غوث المكدود في تخريج منتقى ابن الجارود»، وقد أهدى إليَّ الجزء الأول منه، جزاه الله خيرًا.

- وذكر الشيخ الألباني أيضًا: أنه من إخوانه الأقوياء في هذا العلم -أي علم الحديث- كما في «السلسلة الصحيحة»(2/720).

- وشهد غير واحد بسماع الشيخ الألباني وهو يقدم الشيخ في علم الحديث، ومن أمثلة ذلك:

وممن نقل ذلك أيضًا عن الشيخ الألباني، الشيخ عبد الله آدم الألباني، وقد ذكر أن الشيخ الألباني سُئل عمن يرى له الأهلية من المشايخ لسؤاله في علم الحديث بعد رحيله؟ فقال: يوجد شيخ مصري اسمه أبو إسحاق الحويني، جاءنا إلى عمان منذ فترة، ولمست منه أنه معنا على الخط في هذا العلم، ثم ذكر الشيخ شعيبًا الأرنؤوط، ثم الشيخ مقبل بن هادي الوادعيَّ.

- وكان الشيخ المحدث محمد عمرو بن عبد اللطيف -رحمه الله- يصف الشيخ، بقوله: شيخنا الكبير.

وأثنى عليه الشيخ عبد العزيز الراجحي، وسأله سائل: على مَن أطلب العلم في مصر؟ فأجابه الشيخ: أبو إسحاق الحويني، الشيخ أبو إسحاق مُحدِّث، من علماء الحديث.

- وأثنى عليه الشيخ المحدث حسين سليم أسد، فكتب في إهدائه لكتاب مجمع الزوئد للهيثمي: الشيخ أبو إسحاق الحويني، نبيل في تصرفه، أصيل في تحقيقه، موسوعي في ثقافته، يقف جبلًا شامخًا أمام الفكر الغازي، يُريدون أن يتكلموا فيه، ولكنهم خابوا وخسروا، أسأل الله تعالى أن يُعينَه على تفريق جمعهم وعلى دَحْرِ آرائهم.

- وقال الشيخ مشهور حسن آل سلمان : أشهد الله أن أبا إسحاق من علماء الحديث، ومن أهل الحديث الراسخين فيه، ولم أر شيخنا الألباني فرِحًا بأحد كما رأيته فرحًا بقدوم الشيخ أبي إسحاق، ومجالسُهُ مع الشيخ الألباني محفوظة، تُنبِئُ عن علمٍ غزيرٍ، بل عن تدقيقٍ، قلَّ أن يصلَ إليه أحد.

- وقال فيه رفيقُ دربه في الدعوة الشيخ محمد حسين يعقوب: ما أحرق أهل البدع إذا سمعوا اسمك، وما أشدَّ ألم أهل السنة إذا غاب رسمك، أنا والحويني أمة واحدة.

• الحادي عشر: من رافقهم الشيخ، وكان لهم به علاقة:

وهنا في هذا الموضع نذكر بعض رفقاء درب الشيخ، والمقربين منهم، ومن له بهم علاقة، وهذا على سبيل ضرب المثل، لا الحصر:

وهناك من كان من خاصة الشيخ، ومن أقربهم لقلبه، وإن لم يكن من المشتغلين بالعلم، كالشيخ شكري بن عبد الله -رحمه الله-، والدكتور عبد المنعم الشاذلي -رحمه الله-، والأخ الفاضل سعيد أبو هشيمة -حفظه الله- والأخ الفاضل ربحي فايز أبو النيل -حفظه الله-، وغيرهم.

• الثاني عشر: عقيدة الشيخ، ومنهجه:

والشيخ ولله الحمد على عقيدة أهل السنة والجماعة في باب الأسماء والصفات، فهو يثبت لله -عز وجل- ما أثبت لنفسه -تبارك وتعالى- في كتابه، وفي سنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-، من غير تعطيل، ولا تكييف، ولا تشبيه، ولا تمثيل.

ولا يُكفر أحدًا من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله، وأن الإصرار على الفعل لا يعني الاستحلال، وليس كل من تلَبَّس ووقع في بدعة؛ فهو مُبتدع، وليس كل من تلبس ووقع في كُفر فهو كافر، فهذا لا بد فيه من إقامة الحجة والبينة، واستيفاء الشروط، وانتفاء الموانع، التي قررها أهل السنة والجماعة.

ويَعتقد أن الكلام، والرأي، والخصومة، والجِدَال، والمراء= مُحْدَث، وهو من الأسباب الرئيسة في فُرقة الأمة.

ويرى أن يرفق أهل السنة بعضهم ببعض؛ لأنهم غرباء، وأن يُتمسك بهدي النبي -صلى الله عليه وسلم- في الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، بالنظر لفهم السلف الصالح في هذا الباب، وكيف عملوا به في واقعهم.

وكان الشيخ -حفظه الله- يقول كثيرًا: إن أعظمَ محنة تقع على المرء، أن يُرمى في سلامة اعتقاده.

منذ بداية الشيخ في طلب علم الحديث= حُبِّب إليه التصنيف، والتأليف، والتحقيق، وتحرير المسائل العلمية، وتتبع أقوال الأئمة، وقد رُزق الشيخُ حُسنَ العبارة والتصنيف، وأفاده في ذلك نشأته الأدبية التي تقدم ذِكرُها، والإقبال على لسان العربِ وأشعارهم وقصصهم وأمثالهم، وقد لاح ذلك حتى في محاضراته ودروسه المتعددة.

أولًا: أغلب ما طبع للشيخ من مؤلفات، أو تحقيق، وتخريج لمخطوطات:

2- الأربعون في ردع المجرم عن سب المسلم، للحافظ ابن حجر: (طبع بمؤسسة الكتب الثقافية، في بيروت - 1406 هـ ).

4- خصائص أمير المؤمنين على بن أبي طالب -رضي الله عنه-، للنسائي: (جزء طبع بدار الكتاب العربي في بيروت - 1407هـ).

6- كشف المخبوء بثبوت حديث التسمية عند الوضوء: (جزء طبع بمكتبة التوعية الإسلامية في مصر - 1408هـ).

8- البعث، لعبد الله بن أبي داود: (جزء طبع بدار الكتاب العربي في بيروت - 1408هـ).

10- غوث المكدود بتخريج منتقى ابن الجارود: (طبع بدار الكتاب العربي في بيروت، في ثلاثة أجزاء - 1409هـ).

12- طليعة سمط اللآلى في الرد على الشيخ محمد الغزالي: (تأليف، طبع بمكتبة التوعية الإسلامية في مصر - 1410هـ).

14- فضائل فاطمة -رضي الله عنها-، لابن شاهين: (جزء طبع بمكتبة التربية الإسلامية في مصر - 1411هـ).

16- الأحاديث القدسية الأربعينية، لملا علي القاري: (جزء طبع بمكتبة الصحابة في جدة، وبمكتبة التابعين في مصر - 1412هـ).

18- كتاب الزهد لأسد بن موسى: (تحقيق وتخريج، طبع بمكتبة التوعية الإسلامية، ومكتبة الوعي الإسلامي في مصر - 1413هـ).

20- مسند سعد بن أبي وقاص، للبزار: (جزء طبع بمكتبة ابن تيمية في مصر-1413هـ).

22- جُزء فيه مجلسان من إملاء أبي عبد الرحمن النسائي: (جزء طبع بمكتبة التربية الإسلامية في مصر - 1414هـ).

24- فضائل القرآن، لابن كثير: (طبع بمكتبة العلم بجدة، ومكتبة ابن تيمية بمصر، في مجلد - 1416هـ).

26- تفسير القرآن العظيم، لابن كثير: (طبع بدار ابن الجوزي بالسعودية، في مجلدين - 1417هـ).

28- كتاب الأمراض والكفارات والطب والرقيات، لضياء الدين المقدسي: (طبع بدار ابن عفان، في مصر - مقدمة الطبعة الأولي 1413هـ، ونشرت الطبع الثانية 1420هـ).

30- فتاوى أبي إسحاق الحويني المسمى إقامة الدلائل على عموم المسائل: (جزء طبع بدار التقوى في مصر - 1429هـ).

32- الفتاوي الحديثية المسمى إسعاف اللبيث بفتاوى الحديث: (ثلاثة أجزاء طبع بدار التقوى في مصر - 1432هـ)، ثم (زاد مجلدًا رابعًا، وطبع بنفس الدار -1432هـ )، ثم (زاد مجلدًا خامسًا، وطُبع أيضًا بنفس الدار - 1432هـ).

ثانيًا: بعض ما لم يطبع للشيخ من مؤلفات، أو تحقيق، وتخريج لمخطوطات:

2- تسلية الكظيم بتخريج أحاديث وآثار تفسير القرآن العظيم.

4- جنة المستغيث بشرح علل الحديث، لابن أبي حاتم.

6- سد الحاجة بتقريب سنن ابن ماجه.

8- العُباب بتخريج قول الترمذي: وفي الباب.

10- كنز البخيل بما ورد عن السلف من تأويل آي التنزيل، وهذا من أجلّ كتب الشيخ عنده.

12- كسوة العاري ببيان علة الحذف عند البخاري.

14- مَجَمَّة الفؤاد فيما اتفق عليه الشيخان في المتن والإسناد.

16- نبع الأماني في ترجمة الشيخ الألباني.

18- القول الرجيح في صلاة التسبيح.

20- ما رواه أبو الزبير عن غير جابر، لأبي الشيخ الأصبهاني.

22- كشف الخفاء عما ورد في فضل عاشوراء.

وغيرها الكثير من مصنفات الشيخ التي لم تطبع إلى الآن.

• الرابع عشر: جهود الشيخ في الدعوة، ونشر العلم:

وبدأ في مسجد شيخ الإسلام ابن تيمية استكمال التأصيل لمدرسته الحديثية المتميزة، فقام بشرح صحيح مسلم، ودعا جماعة من أهل العلم لمشاركته في شرح باقي كتب السنة، فقام الشيخ وحيد بالي بشرح صحيح البخاري، والشيخ إبراهيم شاهين بشرح سنن أبي داود، والشيخ صلاح عبد الموجود بشرح الجامع الكبير للترمذي، والشيخ أحمد النقيب بشرح سنن ابن ماجه، إلا أن المجلس الأخير لم يستمر طويلًا، وكان من المفترض في خطة الشيخ لاستكمال هذه المجالس أن يُكمل الشيخ مصطفى العدوي ما بقي من الكتب الستة وهو النسائي، ولكن الحمد لله على كل حال.

وقد عُرف الشيخ بأسلوب متميز في الخطابة، وله مئات الأشرطة المسجلة التي تؤكد هذا المعنى، وقد سُجِّلت له في عشرات المساجد في ديار مصر، وقد طاف محافظات مصر، وذهب إلى العديد من القرى في كل محافظة، وكان يتنقل بين مساجد أنصار السنة، والجمعية الشرعية، والأوقاف، بدعوات من القائمين على إدارة هذه المساجد، وسجل له أيضًا في العديد من الدول التي رحل إليها الشيخ.

وله سلاسل مميزة، في هذا الباب، ومن ذلك:

أما خطب الجمعة، والمجالس المفردة، فهي بالمئات، وكان من أشهرها:

وأيضًا من أبواب الدعوة التي طرقها الشيخ، القنوات الفضائية: وهذا بعد إلحاح شديد من بعض رفقائه، فاستجاب الشيخ وظهر في عدة قنوات إسلامية، كقناة خير في برنامج: فاسمع إذًا، وقناة الحكمة، في برنامج: حرس الحدود، وزهر الفردوس، ومدرسة الحياة، ومنتدى الحكمة، وكان يحاوره فيه الأستاذ وسام عبد الوارث، وبرنامج: الخيمة الرمضانية، وأولئك آبائي يحاوره فيهما الإعلامي إبراهيم اليعربي، وقناة الناس في برنامج: فضفضة، وأيضًا برنامج: أندى العالمين، يحاوره الشيخ خالد عبد الله، وأخيرًا في قناة الندى، وله حلقات بعنوان: أصداف اللؤلؤ، وفيها تكلم الشيخ عن شيء من سيرته، لا سيما ما يتعلق بحياته العلمية، ومكتبته، وبرنامج: الغواص، يحاوره فيهما الإعلامي إبراهيم اليعربي وهذا من باب ضرب المثل، وليس الحصر.

وله في رحلاته من الفوائد والقصص والعبر ما لا يتسع المقام لذكره، ولكن تجدونها تباعًا، بمتابعتنا هنا في الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ، في خدمة: من سيرة الحويني.

ولذكر المنشاوي -رحمه الله- هنا، نعرض قطوفًا من قصص تعلق الشيخ بصوته رحمه الله، فكان من ذلك:

وأيضًا من مواقفه التي تدل على شدة حُبه لصوت المنشاوي: أن الشيخ كان في القاهرة، في شهر رمضان، قُبيل الإفطار، وكان يركب الحافلة، وإذا به يتهادى إلى أذنه قراءة آسرة بصوت الشيخ المنشاوي من سورة غافر، فنزل من الحافلة وغير اتجاهه، فتتبع الشيخ الصوت حتى وصل إلى مسجد قد قام عامله بتشغيل هذا الشريط في مكبر الصوت بالمسجد، فطلب الشيخ من العامل شراء الشريط، وبعد مفاوضات معه وافق، ولكنه باعه للشيخ بثلاث جنيهات، وكان هذا الثمن باهظًا جدًّا لسعر شريط في هذا الوقت، ولم يُبالِ الشيخ؛ لغلبة حبِّ المنشاوي على قلبه.

ومن أجمل القراءات التي ذكر الشيخ أن المنشاوي تميز فيها: أواخر سورة آل عمران، والشعراء، والروم، وفُصلت، والواقعة والحديد، والزخرف والدخان، وق، والرحمن، والحشر وقصار السور، وغيرها من التلاوات الرائعة.

• الخامس عشر: أسرته، وأبناؤه:

وهو رجلٌ كان من أعيان محافظة سوهاج بصعيد مصر، وقورٌ ذو سمت حسن وهيئة متسننة، له لحية بيضاء كبيرة، وكان يَخضبها في زمن قل فيه من كان يفعل ذلك تسننًا.

وقد التحق بأنصار السنة المحمدية وشارك معهم في شؤون الدعوة إلى الله، إلى أن توفي -رحمه الله- في عام 2007.

لماذا عدَّد الشيخ؟

وهكذا التعدد، ليس يصلح لكل أحد لا يملك أهلية التعدد، ولا يحسن إقامة بيت فيريد إقامة اثنين.

وكان يرى في التعدد عدمَ الزواج بالمرأة البكر، وإنما يَتزوج المطلقة أو الثيبَ، وهذا أبعد عن موطن شُبهة الزواج للشهوة فقط، وآكد على نشر سُنة التعدد، وحل مشكلات المجتمع، فتقدم للزواج من ابنة الشيخ حسن عبد الغني -رحمه الله-، وكان مدرسًا في الأزهر بمحافظة كفر الشيخ، ثم صار مديرًا للمعهد الأزهري بعد ذلك، وكان الشيخ حسن -رحمه الله- رجلًا صالحًا نقيَّ القلب، يحرص على إخوانه ومن حوله، يُحبه كل من لقيه لسمته الطيب، فتقدم الشيخ له وتزوج من ابنته التي كانت لها ابنة، فربّاها فأحسن تربيتها، حتى تزوجت وأقامت بيتها الجديد.

والشيخ صالح -رحمه الله- كان من أطيب الناس قلبًا وأرقهم فؤادًا وأسرعهم إلى تطبيق السنة، كان ذا لحية بيضاء ناصعة، ووجهه يشع نورًا، كان له حال مع الله، ما كان يترك قيام الليل إلى أنْ مات -رحمه الله-، له صوت خاشع إذا قرأ القرآن، شهد له من عرفه من العلماء والدعاة بالصلاح والتقوى، نحسبه من عباد الله المخلَصين ولا نُزكِّي على الله أحدًا، صاحَبه الشيخ فكان نِعم الصاحب، توفي -رحمه الله- عام 2013.

ثم تزوج فيما بعد الزوجة الرابعة ، من بيت محب للدين ، كان والدها -رحمه الله- رجلاً صالحًا، خطيبًا في مسجد قريته، وكانت لها ولد وبنت حرصت على تربيتهما على الدين والخُلق، ولقد رباهما الشيخ كما يربي أبناءه، وبها أتمَّ الشيخ سُنة التعددِ كما أُثر عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.

كما حرص الشيخ على تعليم كل أبنائه في المؤسسة الأزهرية، وعلى سبيل المثال: تخرجت ابنته الكبرى أم الفضل سلمى بنت أبي إسحاق في كلية الدراسات الإسلامية بالأزهر، وكذا أخواها أبو يوسف حاتم بن أبي إسحاق في كلية الشريعة، وأبو يحيى هيثم بن أبي إسحاق في كلية أصول الدين قسم الحديث النبوي، وغيرهم من أبناء الشيخ، حفظه الله في دينه ونفسه وولده.

ونسأله -تبارك وتعالى- أن يَشفيه شفاءً لا يُغادر سقمًا، وأن يُمَتِّعَه بالصحة والعافية؛ إنه بكل جميل كفيل، وهو حسبنا ونعم الوكيل.


اضافة تعليق


مسجل في دفتري
نص التعليق
زائر
نص التعليق